عندما يمر الإنسان بلحظة توقف، حين تبدو الخسارة هي النهاية، قد تبدأ الحقيقة بأن النهاية ليست سوى بداية لشيء أكبر. هذه ليست مجرد حكاية عابرة، بل هي قصة إنسان حقيقي، شابٌّ اختبر الظلمة، لكنه بعد ذلك وجد الضوء. في مدونة «الدبي للحكاية» نسلّط الضوء اليوم على رحلة هذا الشابّ التي تروي كيف اكتشف دعوته، وكيف أخذ خطوة في الطريق نحو الهدف الحقيقي.
1. البداية: من الخسارة إلى السؤال
بدأت القصة حين فقد الشاب وظيفته، أو ربما علاقاته، أو ربما الحلم الذي كان يظن أنه يملكه بلا شريك. في تلك اللحظة، ساد شعورٌ بالخسارة وانطفأ البعض من الأمل. لكنّ هذا الشعور كان بمثابة ناقوس: لماذا أنا هنا؟، ما هي دعوتي؟.
في تلك اللحظة جاءت الأسئلة ذاتها التي نسمعها كثيراً: ما الهدف؟ لماذا استيقظتُ كل صباح؟، إلى أين يسير بي هذا الطريق؟ كانت تلك مرحلة البحث الداخلي، مرحلة «لماذا» قبل «كيف».
2. لحظة التغيير: استيقاظٌ داخليّ
لم يكن هذا الشاب مهيّأً بأن يتحول بين ليلة وضحاها، بل جاء التغيير ببطء، بخطوة واحدة صغيرة: قراءةٌ لفكرة، لقاءٌ لشخص، كلمةٌ سمعت في الصباح. تفتّحت عيناه على حقيقة: أن الدعوة ليست مجرد وظيفة أو منصب، بل رسالةٌ تُعيـَن في القلب.
في تلك اللحظة قرّر أن يستيقظ من سباته، أن يستمع لما يخاطبه داخله. فبدأ بممارسة التأمّل، والتفكر في ما يهمه حقاً، في ما يشعر به عندما يتحدّث ويخدم الآخرين، في ما يتوقّ إليه قلبه.
3. رحلة الاكتشاف: البحث عن الدعوة
الخطوة التالية كانت شجاعةٌ: التجريب. قد جرب أن يعمل في خدمة اجتماعية، قد جرب أن يتطوع، قد جرب أن يتعلّم مهارة جديدة. في كل تجربة كان يسأل نفسه: هل هذا ما أَرِدُ أن أفعله؟ هل هذا يعطيني معنى؟
من خلال تلك التجارب تولّدت رؤية أوضح، فبدأ يدرك أن دعوته تجمع بين موهبته، احتياج الناس، ورسالة تُنفّذ. وهنا ظهرت كلمةٌ جديدة في قاموسه: الخدمة. دعوته كانت ألا يخدم لنفسه فقط، بل أن يخدم من حوله.
4. اتخاذ القرار: خطوةٌ في الطريق
لم تكتفِ رحلته بالاكتشاف، بل تلتها مرحلة القرار والتنفيذ. هنا اتخذ القرار بأن يغيّر نمط حياته: ربما أقلّ ترفاً، ربما أقلّ راحة، لكن أكثر صدقًا مع نفسه ومع الدعوة التي شعر بها. وهنا أيضاً جاء التوازن بين الإيمان والعمل.
فالإيمان بلا عمل يبقى فكرة، والعمل بلا إيمان يبقى نشاطاً فارغاً. كان عليه أن يجمع بين الاثنين، ليعيش دعوته ليس فقط في الفكر، بل في الحياة اليومية.
5. التحديات والاختبارات
كما في كلّ قصة تستحقّ أن تُروى، واجه هذا الشاب تحديات: مشاعر شكّ، مقاومة من الخارج، ضغوط من العائلة أو من المجتمع، وعبء عدم التأكّد من النجاح. لكن ما ميّزه ليس أنّه لم ينهزم، بل أنه استخدم التحدي كمنحدر للارتقاء.
كان يقول في الداخل: «إن خسرتُ، فليكن خسارتي في سبيل أن أكون حراً لأحيا دعوتي». وإن تأخّرت النتائج، فليكن انتظاراً يُنمّي بداخلي الثقة والصبر.
6. النتيجة: عثورٌ على الدعوة، وبدايةٌ جديدة
وفي نهاية المطاف، حقق الشاب ما كان يبحث عنه: وجد أن دعوته لم تكن شيئاً بعيداً، بل هي ما كان قد خلق من أجله. بدأ مشروعاً، أو خدمةً، أو مساراً مهنياً تحوّل فيه تقديمه للآخرين إلى مصدر حياته. بدأ يعيش بسلام داخلي، ورؤية واضحة، وإيمان مبنيّ على تجربة.
الآن، لا ينظر إلى الماضي بنفس الألم فقط، بل يرى فيه ركيزة انطلاق. ويقول: «لن أنظر إلى ما فقدتُ فقط، بل إلى ما اكتسبتُ حين فقدتُ». وهنا يكمن السر: أن الخسارة كانت رحلة دخول إلى دعوةٍ أعظم.
7. الدروس والعبر
- خسارتك ليست نهاية، بل بداية. كلّ ألم يحمل بداخله بذرةً للدعوة.
- الأسئلة الصحيحة (لماذا؟ من؟ كيف؟) تُنير الطريق أكثر من الإجابات المباشرة.
- التجريب مهمّ: من خلاله نكتشف ما يناسبنا فعلاً.
- الدعوة تجمع الموهبة، الحاجة، والخدمة – وهذا ما يعطيها معنى.
- الإيمان والعمل يكملان بعضهما: ليس كافياً أن تؤمن، بل عليك أن تعمل؛ وليس كافياً أن تعمل بلا إيمان.
- التحدي والانتظار ليسا دليلاً على الفشل، بل على أن الطريق أصيل ويستحقّ الانتظار.
- حين تعثر على دعوةٍ حقيقية، تبدأ الحياة بمعيار جديد: ليس فقط «ما آخذ» بل «ما أعطي».
8. كيف يمكنك أنت أن تخطو خطوةً في الطريق؟
إذا كنت تقرأ هذه القصة الآن، فربما أنت في مرحلة التشوّش أو البحث. إليك خطوات عملية لتبدأ:
- التوقف والتأمل: خصص وقتاً يومياً – ولو 10 دقائق – لتطرح هذه الأسئلة لنفسك: لماذا أفعل ما أفعل؟ ما الذي يحمّسني حقاً؟
- التجريب المحكوم: جرب خدمة، تطوّع، أو عمل جانبياً في مجال تشعر تجاهه. لاحظ شعورك بعده: هل شعرت بأنك في مكانك؟
- التعليم والتطوير: اقرأ، شاهد، تدرّب. لا تكُن مقيداً بخبرتك الحالية، فالدعوة قد تحتاج منك أن تتعلّم جديداً.
- بناء علاقات داعمة: لا تسِرْ وحدك. تواصل مع من سبقوك في طريق الدعوة، احصل على مرشد أو أخ/أخت لك في هذه الرحلة.
- تنفيذ صغير ثمّ أكبر: لا تتوقّع أن تقوم بثورة دفعةً واحدة. ابدأ بخطوة صغيرة، ثم تدرّج نحو أكبر.
- الصبر والمثابرة: قد لا تلمس النتائج سريعاً، لكنّ من ثابر صاغ دعوته بالحياة.
9. لماذا هذه القصة مهمة لمدونة «الدبي للحكاية»؟
في مدونتنا نسعى أن نروي ليس فقط ما يُشاهد، بل ما يُشعر. هذه القصة، التي تجمع بين خسارة، بحث، اكتشاف، قرار، وتنفيذ، هي من النوع الذي يلامس القلوب ويوقظ العقول. هي ليست مجرد سرد، بل هي دعوة للقارئ ليكون هو/هي البطل في قصته الخاصة.
ولأننا نستخدم مدوّنتنا لـ «الحكاية» بمعناها الإنساني والروحي، فإن قصص مثل هذه تمنحنا الفرصة لنربط الإيمان بالعمل، الحلم بالواقع، والخسارة بالانطلاق. فتكون الحكاية ليست النهاية، بل الانطلاقة.
10. خطوةٌ تبدأ اليوم
في لحظة ما، تكتشف أن الطريق ليس معبّداً بالكامل، لكنك تملك الدعوة، تملك الرغبة، وربما تملك الشجاعة أن تخطو. هيا – ابدأ الخطوة اليوم. فـ «خطوةٌ في الطريق» قد تغيّر مجرى حياتك كله.
ولكي نقتبس كلمات أحدهم: «عندما تعثر على ما أنت مخلوق من أجله، تنتهي الأسئلة وتبدأ الحياة». دعوتك في الانتظار، والطريق أمامك.
قصة شاب، العثور على الدعوة، رحلة إيمان، الشاب والدعوة، البحث عن الهدف، اكتشاف الذات، قصة إلهام، قصص حقيقية، خطوات في الطريق، تحقيق الدعوة، استعادة الحلم، نمو روحي، الإيمان والعمل، تغيير الحياة، التوجيه الروحي للشباب.
