مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة مكتبة المسجد: كيف تغيّرت حياة قارئٍ واحدٍ

قصة مكتبة المسجد: كيف تغيّرت حياة قارئٍ واحدٍ | الدبي للحكاية

في زاوية صغيرة من مسجدٍ عتيق، بين رفوفٍ يغطيها الغبار وكتبٍ نسيها المارّون، بدأت قصة لم تكن في الحسبان. قصة شاب دخل المسجد بحثًا عن سكينةٍ مؤقتة، فخرج منه إنسانًا آخر. قصة قارئ واحد غيّرت القراءة حياته، وباتت الحروف طريقًا جديدًا للعودة إلى الله.

1. البداية: دخول بلا نية

لم يكن "سامي" شابًا متدينًا ولا قارئًا نهمًا. كانت حياته تدور حول العمل والأصدقاء والهواتف، بلا اتجاه محدد. في أحد الأيام، وبينما كان يمرّ بجانب المسجد القريب من منزله، قرر أن يدخل فقط ليهرب من حرّ الظهيرة. لم يكن يبحث عن صلاة ولا عن خشوع، فقط عن هدوء.

جلس في زاوية بعيدة، ثم لفت نظره باب خشبي مكتوب عليه بخطّ جميل: مكتبة المسجد. بدافع الفضول، دخل. لم يكن يعرف أن تلك الخطوة الصغيرة ستفتح له بابًا نحو عالم آخر.

2. الكتاب الأول: صفحة تهزّ القلب

أخذ أول كتاب صادفه، كتاب قديم عنوانه "صفحات من حياة الصحابة". بدأ يقرأ بلا نية، لكنه ما إن انتهى من الصفحة الأولى حتى تغيّر شيء داخله. كان الكلام صادقًا، قريبًا من القلب، مليئًا بالبطولة والرحمة في آن واحد.

قرأ عن شابٍ مثله كان يعيش ضائعًا، حتى هداه الله في لحظة واحدة، وعن آخر قدّم كل ما يملك من أجل إيمانه. شعر أن الكلمات تخاطبه هو، وكأن الكاتب يكتب له شخصيًا.

3. بين يومٍ وآخر: ميلاد عادة

عاد سامي في اليوم التالي، ثم بعده، ثم بعده. بدأ يقرأ كل يوم قبل صلاة المغرب، يختار كتابًا مختلفًا في كل مرة. اكتشف أن المكتبة كانت مليئة بكنوز: كتب في السيرة، وأخرى في الفكر، وبعضها في الأدب واللغة.

بمرور الوقت، صارت المكتبة ملجأه اليومي. لم يعد يأتي ليهرب من الحرّ، بل ليبحث عن النور. تحوّلت القراءة من عادة إلى عبادة، ومن هواية إلى رسالة.

4. لحظة الإدراك: المعنى الذي كان مفقودًا

في إحدى الليالي، وبينما يقرأ كتابًا عن معنى الإخلاص، شعر سامي أنه لأول مرة يفهم لماذا يعيش. كتب المؤلف: "الإخلاص هو أن تعمل وأنت لا تنتظر من الناس شيئًا، بل تنتظر وجه الله فقط". أغلقت هذه الجملة كل الأبواب المفتوحة في قلبه، وتركت بابًا واحدًا مضيئًا.

جلس طويلًا يفكر. لم يكن يبكي، لكنه شعر أن قلبه يلين. ومن تلك الليلة، تغيّرت نظرته لكل شيء: لعمله، لأصدقائه، وللحياة ذاتها.

5. من قارئٍ إلى فاعل

لم يكتفِ سامي بالقراءة. بدأ يدوّن ملاحظاته في دفتر صغير، ثم قرر أن يشارك ما تعلّمه مع أصدقائه. بدأ يرسل لهم اقتباسات مما يقرأ، ثم صار يقيم جلسة أسبوعية صغيرة في المسجد بعنوان: "كتاب وتأمل".

كان يظن أن أحدًا لن يهتم، لكن المفاجأة كانت أن الشباب من الحيّ بدأوا يحضرون. بعضهم جاء بدافع الفضول، وبعضهم بدافع الملل، لكن الكل خرج بشيء مختلف. وهكذا تحوّلت مكتبة المسجد إلى منارة صغيرة تغيّر القلوب.

6. أثر القراءة: من سطور إلى سلوك

لم تعد القراءة عند سامي هواية، بل أسلوب حياة. صار يستيقظ قبل الفجر ليقرأ، ثم يكتب خواطره وينشرها في مواقع التواصل. أصبحت كلماته مصدر إلهام لكثيرين. كتب ذات مرة: "وجدت في مكتبة المسجد أكثر مما وجدت في الدنيا، وجدت نفسي."

القراءة في المسجد لم تغيّر معلوماته فقط، بل غيّرت نظرته إلى الناس، إلى الله، وإلى ذاته. تعلّم الصبر من القصص، والرحمة من السيرة، والشجاعة من التاريخ.

7. مكتبة المسجد: مكان منسيّ ينبض بالحياة

حين نسمع كلمة "مكتبة"، نفكر في جامعة أو مدرسة، لكنّ مكتبة المسجد كانت دائمًا قلبًا نابضًا بالعلم. للأسف، في كثير من المساجد أُغلقت هذه الزوايا الجميلة، أو صارت مهملة. لكن قصة سامي تذكّرنا أن الكتاب قد يفتح طريقًا لا تفتحه المواعظ.

الكلمة تُغيّر، والصفحة تُهدي، والقراءة تُنير. كم من شابٍّ ينتظر كلمة واحدة لتُشعل فيه حبّ الإيمان من جديد؟ وكم من كتابٍ في زاوية ينتظر من يفتحه ليُحدث معجزة صغيرة في قلبٍ تائه؟

8. كيف يمكننا إحياء مكتبات المساجد؟

  • تنظيف وتحديث الكتب: إعادة ترتيبها وتبديل الممزق منها بكتب حديثة وجذابة للشباب.
  • تشجيع القراءة الجماعية: تنظيم لقاء أسبوعي لقراءة كتاب أو فصل ومناقشته.
  • إنشاء أندية قراء: لربط الشباب بالعلم والمعرفة والإيمان.
  • استخدام وسائل التواصل: لنشر اقتباسات من الكتب الموجودة في المكتبة.
  • تحفيز المشاركة: من خلال جوائز بسيطة أو شهادات تقدير للقراء النشطين.

حين نعيد الحياة لمكتبات المساجد، فإننا نعيد الحياة للقلوب أيضًا. فالمسجد ليس فقط مكان صلاة، بل منارة علم، ومصدر إلهام.

9. الدروس والعبر من القصة

  • قد يبدأ التغيير من خطوة صغيرة جدًا — مثل دخول مكتبة.
  • القراءة الصادقة تصنع تحولًا حقيقيًا في النفس.
  • مكتبات المساجد كنوز مهجورة تحتاج من يحييها.
  • كل قارئ يمكن أن يكون داعية بالكلمة.
  • الإيمان ينمو بالعلم كما ينمو بالسجود.

10. النهاية: القارئ الذي أصبح داعية

بعد مرور عامين على أول دخول له، أصبح سامي مسؤولًا عن مكتبة المسجد. يختار الكتب الجديدة، ويشرف على اللقاءات، ويساعد الصغار في اختيار ما يناسبهم. كتب على باب المكتبة لوحة صغيرة تقول:

"هنا بدأت قصتي... وربما تبدأ قصتك أنت أيضًا."

قصة سامي ليست حكاية عابرة، بل درس لنا جميعًا. فربّ كلمة تُقرأ تُغيّر حياة، وربّ صفحة تُفتح تُفتح معها أبواب السماء.

نُشر في مدونة الدبي للحكاية – قصص تُلامس القلب وتوقظ الروح.

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية