مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة قلب الأم لا يخطئ

قصة قلب الأم لا يخطئ

تتجلى عظمة الأم في أشياء صغيرة قد لا نراها، لكنها تراها بقلبها قبل أن تراها بعينها. الأم لا تحتاج إلى دليل أو برهان، لأنها تمتلك بصيرة الفطرة التي لا تُخطئ، وإحساسًا صادقًا يجعلها تشعر بأبنائها مهما بَعُدوا عنها، وكأن خيوط الحب التي نسجتها يومًا لا تنقطع أبدًا.

في قرية صغيرة تحيط بها الجبال، كانت تعيش امرأة تُدعى أمينة، أرملة ربت ابنها الوحيد “عمر” بعد وفاة والده في حادث عمل مؤلم. لم تكن تملك سوى قوت يومها، لكن قلبها كان عامرًا بالحب والإيمان والصبر. كانت دائمًا تقول: “ابني هو روحي، ولو تألم، سأشعر به قبل أن يخبرني أحد.”

رحلة الوداع الصعب

حين كبر عمر، حصل على فرصة عمل في مدينة بعيدة، فقرر السفر رغم دموع أمه. حاول أن يطمئنها قائلًا: “سأتصل بك كل يوم يا أمي، لا تقلقي.” لكن قلبها لم يكن مطمئنًا. في تلك الليلة قبل سفره، جلست عند وسادته بعد أن نام، وضمت يده إلى صدرها قائلة في نفسها: “احفظه يا الله، فأنا لم أعد أحتمل فراقه.”

في الصباح، ودعها بابتسامة، بينما كانت عينها تقول كل ما لم تستطع الكلمات قوله. خرج عمر بخطواتٍ مترددة، لكنها كانت تحاول أن تبدو قوية. لم تعلم أن تلك اللحظة ستكون بداية اختبار عظيم لقلبها.

إحساس لا يُخطئ

مرت الأيام، وكانت أمينة تتلقى اتصالات ابنها بانتظام، حتى جاء ذلك اليوم الغريب. كانت تمسح أرض البيت حين توقفت فجأة، كأن شيئًا اخترق صدرها. وضعت يدها على قلبها وهمست: “عمر... هل أنت بخير؟” لم يرد أحد، لكنها شعرت برعشة غريبة، كأن الألم يهمس في صدرها.

في تلك الليلة، لم تستطع النوم. كانت تتقلب في فراشها ودموعها تنهمر بلا سبب واضح. وفي تمام الثالثة فجرًا، قامت من سريرها، أشعلت المصباح، وقالت لنفسها: “لابد أن هناك شيئًا حدث لابني.”

هناك مشاعر لا يمكن تفسيرها، فالأم تشعر بما لا يقال، وتسمع ما لا يُنطق، وترى ما لا يُرى.

الحدث الذي أكد الإحساس

في صباح اليوم التالي، طرقت جارة أمينة الباب، تحمل في يدها هاتفًا: “أمينة، وصلني اتصال من أحد أصدقاء عمر، يقول إنهم تعرضوا لحادث بسيط في الطريق، لكنه لم يوضح التفاصيل.” لم تنتظر أمينة أن تُكمل الجارة حديثها، ارتدت عباءتها على عجل، وهرعت إلى محطة الحافلات متجهة إلى المدينة التي يعمل فيها ابنها.

كانت المسافة طويلة، لكنها لم تشعر بها. طوال الطريق كانت تتمتم بالدعاء وتردد: “يا رب، لا تجعل قلبي يخذلني، اجعل إحساسي خيرًا.” وحين وصلت إلى المستشفى، وجدته هناك، مستلقيًا على السرير، جرح بسيط في ذراعه، لكنه حي وبخير.

اقتربت منه وهي تبكي وتضحك في آنٍ واحد، احتضنته بشدة وقالت: “كنت أعلم أن شيئًا حدث لك يا عمر، قلبي لم يخطئ!” ابتسم وهو يمسح دموعها: “وكيف يخطئ قلبك يا أمي؟ إنه البوصلة التي لا تخطئ طريقها أبدًا.”

ما وراء القصة

تلك الحادثة لم تكن الأولى التي شعرت فيها أمينة بابنها من بعيد. منذ طفولته كانت تميّز صوته بين عشرات الأصوات، تعرف حزنه من نبرة تنفسه، وتقرأ خوفه في عينيه دون أن ينطق. الناس يسمونها حدس الأم، لكنها كانت تقول دائمًا: “إنه خيط من الله، يصل بين قلب الأم وقلب ابنها، لا ينقطع مهما فرّقت بينهما المسافات.”

مرت سنوات، كبر عمر، وتزوج، وأنجب طفلًا سمّاه “يوسف”. لكن أمينة بقيت هي نفسها؛ بقلبها الدافئ، وبحدسها الذي لم يخطئ يومًا. وفي إحدى الليالي، بينما كانت في بيتها القديم، استيقظت فجأة وهي تشعر بانقباض غريب. أمسكت هاتفها واتصلت بابنها: “عمر، هل يوسف بخير؟” أجابها متعجبًا: “نعم يا أمي، لكنه للتو سقط من الأريكة وبكى قليلًا، كيف عرفتي؟” ضحكت وقالت: “قلت لك... قلب الأم لا يخطئ.”

الأم لا تملك قوى خارقة، لكنها تملك قلبًا صادقًا متصلًا بحب لا يشبه أي حب آخر.

رسالة القصة

هذه القصة ليست عن صدفة، بل عن معجزة متكررة اسمها الأم. في زمنٍ صارت فيه المشاعر متباعدة، ما زالت الأم تثبت أن الحب الحقيقي لا يحتاج إلى كلمات ولا إلى مسافات، بل إلى قلبٍ نابض بالعطاء. لقد خُلقت الأم لتشعر قبل الجميع، وتسامح قبل الجميع، وتُحب دون مقابل.

قصة “قلب الأم لا يخطئ” تذكّرنا بأننا مهما كبرنا، نظل في نظر أمهاتنا أطفالًا يحتاجون إلى من يطمئن عليهم. فليحفظ الله قلوب الأمهات جميعًا، فهي البوصلة التي تُعيد أبناءها إلى طريق الأمان دائمًا.


الدروس المستفادة من القصة:

  • إحساس الأم لا يُخطئ، لأنه نابع من الحب الصادق.
  • لا يوجد في العالم رابط أقوى من رابطة الأمومة.
  • برّ الأم ليس مجرد واجب، بل هو عرفان بجميل لا يُردّ.
  • الأم تشعر بفرحك وحزنك حتى إن لم تتكلم.
  • حين تدعو لك أمك، فإن أبواب السماء تُفتح قبل أن تنتهي من كلماتها.

في النهاية، تبقى الأم نبع الحياة، وصوت الأمان في عالمٍ يضجّ بالضجيج. قلبها مرآة لا تعرف الكذب، وإحساسها هدية من الله لا تنضب. فلنحافظ على أمهاتنا، ولنتذكر دومًا أن قلب الأم لا يخطئ، لأنه ببساطة... يعيش داخل كل نبضة منّا.

مدونة الدبي للحكاية — حيث تُروى القصص التي تُلامس القلب وتمنحنا دروسًا لا تُنسى.

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية