مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة همسات الجدار في منتصف الليل

همسات الجدار في منتصف الليل | الدبي للحكاية

في منتصف الليل، عندما يسكن كل شيء وتغفو المدينة على صمتها البارد، هناك من يستيقظ على صوتٍ لا يسمعه أحد. كان عمر يظن أن الوحدة اختراع بشريّ، لكنه في تلك الليلة، أدرك أن الجدران أيضًا تتحدث.

١. البداية: الصمت الذي كسر الهدوء

كان يعيش في شقّة صغيرة تطل على شارع خافت الإضاءة. كل شيء في حياته يسير بنظامٍ لا يتغير: يعود من العمل، يتناول طعامه، يقرأ قليلاً، ثم ينام. حتى تلك الليلة، حين سمع همسات غريبة من الجدار الذي يجاور سريره.

في البداية ظنها أصوات المارّة أو الرياح، لكن الصوت كان قريبًا... كأنه يأتي من داخل الجدار نفسه. لم يكن صراخًا، بل همسات خافتة تشبه الحكايات القديمة التي تُروى في الظلام.

٢. الهمسات الأولى: عندما تتكلم الجدران

اقترب عمر من الجدار، ووضع أذنه عليه. كانت الهمسات تتحدث عن أشياء غريبة، عن ذكريات لم يعشها، وعن أشخاص لم يعرفهم. قال الصوت: "لقد تأخرت كثيرًا، كان عليك أن تعود قبل أن تنكسر الساعة..."

تراجع بخطوات بطيئة، قلبه ينبض بقوة. حاول تجاهل الأمر، لكنه لم يستطع النوم. في الصباح، بدا كل شيء طبيعيًّا، إلا أن شعورًا غريبًا ظل يلاحقه. كانت الجدران تبدو مختلفة، كأنها تخفي سرًّا ما.

٣. البحث عن الحقيقة

في الليلة التالية، جلس عمر أمام الجدار ومعه مصباح صغير. أراد أن يواجه خوفه. قال بصوتٍ خافت: "من أنت؟ ولماذا تهمس لي؟" فجاء الرد بعد لحظات صمت طويلة: "أنا ظلّك الذي نسيته."

لم يفهم... لكنه شعر بارتجافٍ داخليّ، كأن الصوت لم يكن غريبًا عليه تمامًا. قال الصوت: "كل إنسان يترك جزءًا منه في مكانٍ ما. أنت تركتني هنا، خلف الجدار، يوم قررت أن تنسى نفسك."

٤. رمزية الجدار: بين الذات والماضي

بدأ عمر يدرك أن ما يسمعه ليس إلا انعكاسًا لصراعه الداخلي. الجدار لم يكن سوى رمز لحدوده النفسية التي بناها حول ذاته. والهمسات كانت صوته الداخلي الذي تجاهله طويلًا.

كل لبنة في الجدار كانت تمثّل ذكرى دفنها، وكل صدعٍ فيه كان يمثل جرحًا لم يُشفَ. الجدار كان ذاكرته الصامتة، والليل كان المرآة التي تعكس حقيقته.

٥. حين تصبح الهمسات حقيقة

مرت أيام ولم يتوقف الصوت. بل بدأ يتحدث بصراحة أكبر. قال له ذات مرة: "أتعرف لماذا تشعر بالوحدة؟ لأنك تخلّيت عن أصواتك القديمة، عن أحلامك التي لم تكتمل، وعن نفسك التي أردت أن تصنع منها صورة لا تشبهك."

أخذ عمر نفسًا عميقًا وقال: "ومن تكون أنت بالضبط؟" فأجاب الصوت: "أنا أنت، قبل أن تصير نسخةً من العالم."

كانت الجملة كصفعة أيقظته من سباته. جلس طوال الليل يفكر في حياته، في قراراته، في الأيام التي مرّت دون أن يعيشها حقًا.

٦. التحوّل: من الخوف إلى الفهم

في كل ليلة، صار الجدار يهمس له بحكمة جديدة. لم يعد يشعر بالخوف، بل بالطمأنينة. كأنه أخيرًا بدأ يسمع ذاته الحقيقية. الهمسات لم تكن لعنة، بل كانت يقظة روحية تحاول إخراجه من عتمة روتينه.

في إحدى الليالي، قال الصوت: "حين تتحدث الجدران، لا تخف... إنها فقط تذكّرك بما نسيت أن تكونه."

ابتسم عمر، وشعر أنه لم يعد وحيدًا. في اليوم التالي، فتح نوافذ بيته لأول مرة منذ سنوات، وأعاد ترتيب غرفته. كأن الضوء عاد إليه من جديد.

٧. الدرس: لا تهرب من صمتك

في نهاية القصة، أدرك عمر أن الصمت ليس فراغًا، بل مساحة تُسمع فيها أعمق الهمسات. تلك التي لا تأتي من الخارج، بل من داخلك. الجدران لا تتحدث إلا عندما تنغلق الأبواب في وجه الحقيقة.

تعلّم أن الحياة ليست مجرد عمل ونوم، بل استماع دائم لما يقوله القلب بصوتٍ خافت. وأن السكوت الطويل قد يكون دعوة لاكتشاف الذات.

٨. الرسالة الفلسفية وراء القصة

قصة همسات الجدار في منتصف الليل ليست مجرد رواية غامضة، بل رسالة عميقة عن الإنسان الحديث الذي يعيش في عزلة روحية رغم ضجيج الحياة. إنها تحكي عن الاغتراب الداخلي الذي يصيبنا حين نبتعد عن ذواتنا الحقيقية.

كل جدار نبنيه بيننا وبين مشاعرنا يهمس في الليل، يخبرنا أن هناك جزءًا منّا لا يزال ينتظر أن يُسمع. وربما لهذا نحتاج أن نُصغي أكثر، لا لما يقال، بل لما يُسكَت عنه.

٩. في عيون القراء

القصة تتركك تفكر: هل الجدار الذي تسمعه في حياتك هو الخوف؟ الذكريات؟ أم نفسك التي تحاول العودة؟ في مدونة دبي للحكاية، نحن نؤمن أن كل قصة تحمل في طيّاتها مرآة صغيرة تعكس ما نُخفيه في أعماقنا.

ربما ليست هناك جدران تتحدث فعلاً، لكن هناك أرواحًا تنتظر من يسمعها. وهذه القصة تذكير أن الهمس أحيانًا أصدق من الصراخ.

١٠. النهاية المفتوحة: حين يصحو الضوء

في صباح اليوم التالي، لم يسمع عمر أي همسات. لكنه شعر بطمأنينة لم يعرفها من قبل. كان الجدار ساكنًا... وربما قال كل ما يجب أن يُقال.

نظر عمر إلى الجدار وابتسم قائلاً: "شكرًا... لقد استمعت أخيرًا." ثم خرج إلى الشرفة، واستقبل شمس الصباح التي كانت تهمس له بدورها: ابدأ من جديد.

✦ نُشر حصريًا على مدونة الدبي للحكاية — حيث تمتزج القصص الغامضة والحكايات الفلسفية التي تلامس عمق الإنسان.

إذا أعجبتك القصة، شاركها مع من تحب، فربما توقظ فيهم همسةً نائمة.

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية