مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة الجار الذي لم أعرف قيمته إلا بعد رحيله

قصة مؤثرة من الواقع الإنساني تروي كيف نعتاد وجود بعض الأشخاص في حياتنا، حتى نغفل عن قيمتهم، ولا نُدرك أثرهم الحقيقي إلا عندما يغيبون. إنها قصة الجار الذي لم أعرف قيمته إلا بعد رحيله، حكاية تلامس القلوب وتُذكّرنا بحديث النبي ﷺ: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.

بداية الحكاية

كنت أعيش في حيٍّ صغيرٍ على أطراف المدينة، يضمّ مجموعة من الأسر البسيطة. كنا نتبادل التحايا اليومية دون كثير من الكلام. أمام بيتي كان يسكن العم أبو يوسف، رجل خمسينيّ هادئ الطباع، يخرج كل صباحٍ في الوقت ذاته، حاملاً فنجان قهوته وابتسامته الدافئة.

لم أكن أُعيره اهتمامًا كبيرًا، فقد كنتُ مشغولًا بحياتي، أعمل لساعاتٍ طويلة، وأعود متعبًا لا أرى في الجيرة أكثر من التزامٍ اجتماعي. كان يُلقي السلام فأردّه على عجل، وأحيانًا أكتفي بإيماءة الرأس.

الجار الذي كان يسبق الجميع بالخير

مرت السنوات، وأدركت أن العم أبا يوسف كان أكثر من مجرد جار. كان عين الحيّ الساهرة، لا يترك مناسبة إلا وشارك فيها، ولا يسمع بمعاناة أحد إلا سارع بالمساعدة. إذا مرض طفل في الحيّ، كان أول من يطرق الباب ليطمئن، وإذا تعطل باب أحدهم، وجدته يحمل أدواته ويبدأ بالإصلاح دون تردد.

كنتُ أراقبه أحيانًا من بعيد، وأتساءل في داخلي: “لماذا يُرهق نفسه بكل هذا؟” لم أكن أفهم أن في العطاء متعة لا يعرفها إلا من جرّبها.

يوم الرحيل الذي بدّل كل شيء

ذات صباح، لاحظتُ أن باب بيت العم أبو يوسف مغلق منذ أيام. لم أره يخرج كعادته، ولم أسمع صوته وهو يرحّب بالأطفال. سأل أحد الجيران فقال بصوتٍ حزين: أبو يوسف نُقل إلى المستشفى… حالته ليست جيدة.

لم أعلّق كثيرًا، لكني شعرت بوخزة غريبة في صدري. وبعد أسبوعٍ فقط، انتشر الخبر الذي هزّ الحيّ: العم أبو يوسف رحل عن الدنيا.

كان الخبر صادمًا أكثر مما توقعت. لم أكن أظن أن رحيله سيؤلمني، لكنني اكتشفت أن وجوده كان يمنح الحيّ دفئًا خفيًا لم نكن ندركه.

يوم الجنازة… اكتشاف الحقيقة

خرج كل أهل الحيّ لتشييعه، الصغار والكبار، النساء والرجال. لم أرَ جنازة بتلك الضخامة من قبل. حتى من لم يعرفه عن قرب جاء مودّعًا له. وفي المقبرة، سمعت أحدهم يقول: كان يساعد الأسر الفقيرة دون أن يخبر أحدًا… كان يدفع الإيجار عن الأرامل في الحيّ.

تلك اللحظة كانت كصفعة على وجهي. شعرت بالخجل من نفسي، لأنني كنت أراه مجرد رجلٍ عادي، بينما كان رمزًا للخير والإنسانية من حولي.

بعد الرحيل… أثره لا يُمحى

مرت شهور بعد رحيله، لكن بيته ظلّ كما هو، صامتًا كأنه ينتظر صاحبه. وكلما مررت بجانبه، تذكّرت صوته وهو يقول لي بابتسامة: الدنيا بخير طالما هناك جار طيب.

بدأت ألاحظ فراغًا غريبًا في الحيّ. لم يعد هناك من يهتمّ بأحوال الجيران، ولا من يطرق الباب ليسأل “هل تحتاج شيئًا؟”. أدركت حينها أنني فقدت شيئًا أكبر من مجرد جار، فقدت روح المكان.

الرسالة التي تركها

بعد فترة، جاءت زوجته إلى بيتي تحمل مظروفًا صغيرًا. قالت لي وهي تبتسم بحزن: كان أبو يوسف يعتبرك مثل ابنه… وترك لك هذه الورقة قبل وفاته.

فتحت المظروف فوجدت رسالة قصيرة بخطّ يده، كتب فيها:

“ولدي العزيز، قد لا تكون بيننا أحاديث كثيرة، لكنني كنت أراك كل يوم وأدعو لك بالخير. لا تدع الحياة تُنسيك قيمة الناس الذين يحيطون بك. الجار ليس من يسكن بجوارك فقط، بل من يسكن قلبك دون أن تدري.”

توقفت عند تلك الجملة الأخيرة طويلًا. شعرت وكأنها درسا مكتوبا خصيصًا لي، رسالة من رجلٍ فهم الحياة ببساطة وصدق.

كيف غيّرني رحيله؟

بعد تلك الرسالة، تغيّر الكثير في حياتي. بدأت أتواصل مع الجيران، أزور كبار السنّ، أساعد من يحتاج دون انتظار مقابل. أصبحت أشعر بدفءٍ جديدٍ في الحيّ الذي كنت أراه جامدًا. تعلمت أن قيمة الإنسان لا تُقاس بما يملك، بل بما يمنحه للآخرين.

بدأت أكتب قصصًا عن معنى الجار الصالح في مدونتي الدبي للحكاية، لأنني أردت أن أخلّد ذكرى ذلك الرجل الذي علّمني درسًا لا يُنسى.

العبرة من القصة

  • الجار ليس مجرد ساكنٍ بجوارك، بل مرآة إنسانيتك.
  • الخير الصامت أحيانًا أبلغ من الكلمات.
  • نفتقد الناس الطيبين حين ندرك متأخرين أنهم كانوا بركة حياتنا.
  • الاحترام والتواصل بين الجيران يزرع في المجتمع المحبة والسلام.

قصة مؤثرة، قصة قصيرة، قصة حقيقية، قصة من الحياة، قصة الجار، الجار الصالح، قصة اجتماعية، حكاية من الواقع، دروس الحياة، الدبي للحكاية، قصة إنسانية، قصة عبرة.

رحل العم أبو يوسف جسدًا، لكنه بقي في قلوبنا أثرًا لا يُمحى. ترك خلفه درسًا خالدًا: لا تنتظر أن يرحل أحد لتعرف قيمته. فكم من جارٍ طيب يعيش بيننا، نحسبه عابرًا، وهو في الحقيقة من يحرس بيوتنا بالدعاء، ويمنحنا الأمان بصمته.

بقلم: فريق الدبي للحكاية – حيث تُروى القصص التي تلامس القلب وتمنح للحياة معنى.

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية