مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

بين يدي العتيق: رحلةٌ مع صحفٍ نسيها الزمان

بين يدي العتيق: رحلةٌ مع صحفٍ نسيها الزمان | الدبي للحكاية

في كل زاويةٍ من هذا العالم، هناك حكاية تنتظر أن تُروى، وفي كل مكتبةٍ مهجورة، روحٌ تحرس أسرارها القديمة. هذه قصة شابٍ عادي لم يكن يعلم أن لقاءه بكتابٍ متهالك سيغيّر مسار حياته إلى الأبد. رحلة بين الورق العتيق والحروف المغموسة بالإيمان، قصة تُمزج فيها رائحة الغبار برائحة الجنة.


1. البداية: مكتبة في قلب النسيان

في أحد أحياء المدينة القديمة، كانت هناك مكتبةٌ منسية، يمر الناس بجانبها دون أن يلتفتوا. واجهتها الزجاجية متشققة، ولافتتها قديمة مكتوب عليها بخطٍ باهت: "مكتبة الهدى - منذ 1956". دخل "ياسين" إلى المكان بدافع الفضول، باحثًا عن كتابٍ لمشروع تخرجه، لكنه لم يكن يعلم أنه سيجد هناك شيئًا آخر تمامًا.

رائحة الورق القديم كانت تختلط بغبار السنين، والهدوء يملأ المكان كأنه مسجدٌ خفي. وبين رفوفٍ ملتوية وأوراقٍ متآكلة، لمح كتابًا صغيرًا مغطى بطبقةٍ من التراب، مكتوب على غلافه: "صحف العتيق".


2. اللقاء الأول مع "الصحف"

حين فتح ياسين الكتاب، وجد أن صفحاته غير مطبوعة، بل مكتوبة بخط يدٍ جميل، بالحبر الأسود، بخط عربيٍ متقن. لم يكن هناك اسم مؤلف ولا تاريخ، فقط جملٌ تبدأ دائمًا بعبارة:

"يا من تبحث عن النور بين ظلال الحروف، اعلم أن بين يديك حديث القلوب."

بدأ ياسين يقرأ، ومع كل صفحة، شعر كأنه يستمع إلى صوتٍ من زمنٍ بعيد. كانت الكلمات تتحدث عن التوبة، والرحمة، والبحث عن الذات. عن رجلٍ عاش في زمنٍ غابر، ضلّ الطريق، حتى وجد الله في حرفٍ كتبه بدموعه.


3. الصحف تكشف أسرارها

في إحدى الصفحات، كتب المؤلف المجهول:

"حين يبتعد العبد، لا يبتعد الله. حين يصمت اللسان، يسمع القلب، وحين يضيع الطريق، يكون أول الطريق قد وُجد."

توقّف ياسين عن القراءة، وأحس أن قلبه يخفق بسرعة. كان يعيش حياةً مزدحمة، غارقًا في تفاصيل الدنيا، لكن هذه الجمل جعلته يراجع كل شيء. بدأ يعود إلى المكتبة يوميًا، يقرأ صفحةً جديدة من "الصحف"، ويشعر كأن الكتاب يُخاطبه مباشرة.


4. رسائل من الماضي

في الصفحة السابعة، وجد رسالةً مختلفة، مكتوبة بلونٍ باهت: "إلى من يجد هذه الصحف بعدي، لا تبحث عن اسمي، بل عن الله الذي هداني." كانت الجملة كأنها موجهة إليه شخصيًا. بدأ يسأل نفسه: من كتب هذه الصحف؟ ومتى؟ وكيف وصلت إلى هذه المكتبة المنسية؟

بدأ بحثًا صغيرًا بين سجلات المدينة القديمة، حتى وجد أن المكتبة كانت تعود لرجلٍ اسمه عبدالحميد الهاشمي، عُرف عنه أنه كان عالمًا ناسكًا عاش في عزلةٍ بعد أن فقد أبناءه في حربٍ قديمة.


5. القصة داخل القصة

أدرك ياسين أن هذه الصحف ربما كانت مذكرات هذا الرجل. وكانت كل صفحةٍ بمثابة اعترافاتٍ روحية، ومناجاةٍ لله كتبها بعد كل صلاة. إحدى العبارات كانت تقول:

"كتبتُ هذه الصحف لأذكّر نفسي حين أنسى، ولعلها تجد قلبًا نسي الطريق كما نسيت أنا."

حين قرأها، شعر ياسين بأن القدر اختاره ليكون ذلك القلب. فمنذ تلك الليلة، تغيّر شيءٌ في داخله. أصبح يستيقظ لصلاة الفجر، ويقرأ كل صباحٍ صفحةً من الكتاب، كأنها رسالته اليومية من الله.


6. حين يتحول القارئ إلى كاتب

بعد أسابيعٍ من التأمل، قرر ياسين أن يدوّن رحلته هو الآخر. بدأ يكتب خواطره في دفترٍ صغير بعنوان: "بين يدي العتيق". كتب فيه كيف تعلّم أن الحياة ليست بما نملك، بل بما نمنح. أنّ الكتاب القديم أعاد له إيمانه بنفسه، وربّه، وبأن لكل إنسان رسالة.

ذات يوم، حين عاد إلى المكتبة، لم يجد الكتاب في مكانه. بحث عنه طويلاً بلا جدوى، كأنه اختفى. لكنه وجد ورقةً صغيرة بين الرفوف مكتوب فيها:

"الرسالة وصلت، فاحفظها في قلبك، لا في الورق."

ابتسم ياسين، وفهم أن الرحلة لم تنتهِ، بل بدأت الآن.


7. التأمل في الرسالة

لم تكن "الصحف" مجرد أوراقٍ قديمة، بل كانت مرآةً يرى فيها القارئ نفسه. وهنا تكمن قوة القصص الدينية والروحية، فهي ليست عن الماضي فقط، بل عن الحاضر والمستقبل. تُذكّرنا بأن بين صفحات الكتب، هناك أرواحٌ تتحدث إلينا إن أنصتنا بصدق.

كتب ياسين في دفتره الأخير: "تعلمت أن الله لا يرسل الأنبياء فقط، بل الكتب، والناس، والمواقف، كلها رسائل تحتاج قلبًا ليفهمها."


8. الدروس والعبر

  • الكتب ليست أوراقًا فحسب، بل أرواحُ من كتبها.
  • الهدوء والانعزال قد يكونان طريقًا لاكتشاف الذات.
  • كل إنسان يحمل رسالة، بعضها لا يُكتشف إلا بعد الضياع.
  • الإيمان لا يُورّث، بل يُكتشف حين نواجه ظلمة النفس.
  • ما يكتبه الإنسان لله يبقى، وما يكتبه للناس يزول.

9. العتيق الذي لم يمت

مرت سنوات، وأصبح ياسين باحثًا في التراث العربي، يكتب مقالات عن الكتب القديمة التي غيرت البشر. لكنه لم ينسَ يومًا تلك الصحف التي أيقظت قلبه. كان يقول دائمًا في محاضراته:

"أحيانًا لا تحتاج لمعجزةٍ كي تتغير، بل لكتابٍ مغطى بالغبار ينتظرك في زاويةٍ منسية."

وهكذا، بقيت "صحف العتيق" حيّة، لا على الورق، بل في القلوب التي ما زالت تبحث عن النور في زمنٍ تكدّس فيه الظلام.


قصة بين يدي العتيق، الدبي للحكاية، قصص دينية واقعية، مخطوطات قديمة، رحلة الإيمان، قصص ملهمة، الحكمة، العودة إلى الله، قصة مؤثرة، الإلهام الروحي، البحث عن الذات، قصص معبرة، التراث الإسلامي، قصة قصيرة أدبية، التوبة، عبرة الحياة.

نُشر بواسطة مدونة الدبي للحكاية — حيث الحكايات تُوقظ الإيمان وتُحيي القلوب.

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية