مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة طفلٌ في الممرّ: قصّة من الهامش إلى الضوء

قصة طفلٌ في الممرّ: قصة من الهامش إلى الضوء

في آخر الممر، حيث تتكدّس الظلال وتغرق الألوان في السواد، كان هناك طفل صغير يجلس وحيدًا. لم يكن أحد يلتفت إليه، ولم تكن خطوات المارّين تمنحه سوى مزيدًا من الغبار الذي يتساقط على أكمام سترته المهترئة. أمّا هو، فكان ينظر إلى نهاية الممرّ كما لو أنّ هناك وعدًا ينتظره… وعدًا بالضوء.

هذه ليست مجرّد حكاية عن طفل تائه في الزوايا المُهملة من الحياة؛ إنّها قصّة كلّ من وجد نفسه يومًا على الهامش، يبحث عن معنى، عن اسم، عن مكان يليق بقلبه الصغير وأحلامه الكُبرى. الطفل لم يكن يعرف الكثير عن العالم، لكنّه أدرك شيئًا واحدًا: الضوء لا يأتي إلى من ينتظر، بل إلى من يقرّر السير نحوه.

الطفل والممرّ… بدايات الحكاية

ولد الطفل في حي شعبيّ تضجّ أزقته بالحياة نهارًا، وتبتلعها الوحدة ليلًا. لم يعرف والده، وأمّه كانت تعمل طويلًا حتى لا ينام جائعًا. الممرّ الذي كان يتّخذه مجلسًا لم يكن سوى ممرّ ضيّق خلف مبنى قديم، لكنه بالنسبة له كان عالمًا كاملًا.

في ذلك المكان، تعلّم كيف يستمع للأنين المختبئ خلف جدران البيوت، وكيف يحفظ أسماء الوجوه التي تمرّ دون أن تراه. كثيرًا ما كان يتساءل: «لماذا يراهم جميعًا ولا يراه أحد؟»

لكنّه كان يبتسم رغم ذلك. ففي داخله صوت صغير يهمس دومًا: «كل يوم هو بداية جديدة».

الصوت الذي غيّر طريقه

كان يشعر أحيانًا بالخوف من الظلام الذي يزحف كلّما أوشكت الشمس على الرحيل. وفي ليلة باردة، سمع صوتًا ناعمًا يشقّ الصمت:
— «لماذا تجلس هنا وحدك؟»

التفت الطفل فرأى فتاة صغيرة تقريبًا بسنّه. كانت تحمل كتابًا بيدها ونورًا في عينيها.

قال مرتبكًا:
— «أراقب… أراقب الضوء»

ضحكت وأخبرته بأنّ الضوء يُراقَب من الأعلى، وليس من ممرّ مظلم. ثم دعته لمرافقتها إلى سطح المبنى، حيث تستطيع المدينة أن تفتح ذراعيها لكلّ من يصعد لرؤيتها.

الصعود الأول نحو الضوء

تردّد قليلًا… فالمرّ اعتاد أن يخبئه، فهل يستحق حقًا أن يرى المدينة من الأعلى؟

لكن الفتاة أمسكت يده بقوة وأسرته كلماتها: «لا أحد يولد للظل، نحن خُلقنا لنرى الضوء».

وفي تلك اللحظة، صعد معها الدرجات. كل خطوة كان يشعر فيها كأنه يدفن خوفًا، ويولد بشجاعة جديدة.

حين وصل إلى السطح، انهمرت الدهشة من عينيه… الأنوار تحتفي، السماء تتوهج، والمدينة تبدو كصفحة حكاية كُتبت له وحده.

أحلام تنمو على السطح

جلس الطفل قرب حاجز السطح، والنسيم يمرّر أصابعه في شعره. سأل الفتاة عن الكتاب الذي تحمله، فأخبرته أنّه كتاب قصص. قصص عن أبطال يكسرون القيود ويصنعون مصيرهم.

قالت له:
— «أتعلم؟ أنت أيضًا تستطيع أن تكون بطلًا»

ابتسم بحياء، لكنه في داخله شعر للمرة الأولى أن هناك من يراه حقًا.

صار الطفل يصعد كل يوم إلى السطح، يقرأ معها القصص ويحلم. شيئًا فشيئًا، لم يعد الممرّ منزله الوحيد، بل صار مجرّد محطة في طريق أطول بكثير.

من الهامش إلى الضوء

كبر الطفل قليلًا… وكبرت معه أحلامه. أصبح يريد أن يتعلّم، أن يكتب قصته الخاصة.

أحيانًا كان يعود إلى الممرّ، لكن ليس ليجلس فيه، بل لينظر إليه بابتسامة انتصار: «لقد خرجت منك، ولم أعد أنتمي للظلام».

مع الأيام، ذهب إلى المدرسة بدعم من أمّه وتشجيع من تلك الفتاة. واجه السخرية والرفض أحيانًا، لكنّه لم يعد الطفل ذاته.

لقد عرف طريق الضوء… وهذا وحده كان كافيًا ليستمر.

حلمٌ يصير واقعًا

مرت سنوات… أصبح الطفل شابًا يكتب القصص. قصصًا عن غيره من الأطفال الذين يجلسون في ممرّات الحياة لا يُرى لهم صوت أو وجه. صارت كلماته نورًا يهدي الآخرين.

وفي إحدى أمسيات التوقيع على كتبه، اقتربت امرأة تحمل ابتسامة مألوفة… إنها الفتاة التي أمسكت بيده يومًا وقالت له إنه خُلق للضوء.

قال لها ممتنًا:
— «لو لم تصعدي بي إلى السطح في ذلك اليوم… لبقيت حكاية منسية في الممر»

أجابته:
— «أنت من اخترت الصعود. أنا فقط أريتُك الدرج»

الرسالة المستترة في الممرّ

هذه القصة ليست عن طفل واحد، بل عن كلّ من عرف شعور الهامش. عن كلّ من ظنّ أن الحياة ضاقت به. عن كلّ قلب صغير ينتظر يدًا صادقة تمتدّ له لتقول: «أنت تستحق الضوء».

مهما كانت البداية مظلمة… فتذكّر دومًا أن الضوء موجود، أقرب من أن نتخيّل، ينتظر فقط شجاعة الخطوة الأولى.


خلاصة القصة

  • لا أحد يولد ليبقى في الظل.
  • خطوة واحدة كافية لتغيير طريق الحياة.
  • كلمة لطف يمكن أن تنقذ أحلامًا من الذبول.
  • قصتنا نكتبها نحن… مهما كانت بدايتها بسيطة.

قصة مؤثرة، قصص إنسانية، قصة طفل في الممر، الدبي للحكاية، قصص قصيرة هادفة، حكايات واقعية، من الهامش إلى الضوء، قصص اجتماعية مؤثرة، قصص أطفال ملهمة، قصص نجاح، حكايات عربية، قصة قصيرة عربية، أدب الحكاية

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية