مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة العيون التي لا تنام

قصة العيون التي لا تنام | الدبي للحكاية

في أعماق مدينة صغيرة تُحيط بها الجبال والضباب، كانت هناك أسطورة يتداولها الناس منذ مئات السنين، تُعرف باسم العيون التي لا تنام. قيل إن تلك العيون تراقب كل شيء... من خلف النوافذ، من ظلال الأشجار، ومن انعكاس القمر على سطح البحيرة.


البداية: حكاية منسية في زمن الغموض

في زمنٍ لم تكن فيه التكنولوجيا ولا الكهرباء تملأ البيوت، كانت القصص تُروى على ضوء المصابيح. وفي قرية تُدعى "إيلورا"، عاش الناس في هدوءٍ غامض، إلى أن بدأت الأحداث الغريبة تتوالى. كان الأهالي يسمعون في الليل همسات تأتي من العدم، وصوت خطوات خلف الأبواب المغلقة. ومع كل ليلة، كان الخوف يتسلل أكثر إلى القلوب.

كانت "ليان"، فتاة في السابعة عشرة من عمرها، أكثرهم فضولًا. لم تصدق الأساطير بسهولة، فقررت أن تبحث عن الحقيقة بنفسها. في إحدى الليالي، حين غطّت القرية في صمتٍ ثقيل، خرجت متسللة تحمل فانوسًا صغيرًا ودفتر ملاحظات.


العيون الأولى: عندما يصبح الظلام حيًا

اقتربت ليان من أطراف القرية حيث تنتشر الأشجار القديمة، وهناك سمعت شيئًا لم تنسه أبدًا. كان صوت أنفاس بطيئة، قادمة من كل اتجاه، كأن الظلام نفسه يتنفس. رفعت فانوسها فرأت بين الأغصان بريقًا خافتًا… عيون كثيرة، صغيرة وكبيرة، تلمع كأنها تعرف أنها تُراقَب.

صرخت ليان، لكن صوتها لم يخرج. كانت العيون تحدّق فيها ببرود، بلا رمش، بلا حركة. ومن تلك اللحظة، تغيّر كل شيء في القرية. اختفت المواشي، اختفت بعض الأطفال، وبدأت الأسطورة تتحوّل إلى واقعٍ مرعب.


سرّ البيت القديم

وسط القرية، كان هناك بيت مهجور منذ أكثر من خمسين عامًا، يقال إنه كان ملكًا لعالمٍ غريب الأطوار يُدعى "أدريان". ترك خلفه كتبًا مليئة بالرموز والرسومات عن "العيون التي لا تنام". دخلت ليان ذلك البيت لتكتشف السرّ، وهناك وجدت على الجدران رسائل محفورة بلغات غير مفهومة.

في وسط الغرفة، وُجدت مرآة ضخمة، مغطاة بقطعة قماش سوداء. رفعتها ليان بحذر، فرأت انعكاسها مشوَّهًا، لكن خلفها كانت هناك وجوه كثيرة تحدق فيها من داخل المرآة. كانت تلك هي العيون التي لا تنام. أدركت عندها أن الأسطورة لم تكن حكاية، بل كانت عهدًا مظلمًا بين الإنسان والمجهول.


العهد القديم: من الذي فتح الباب؟

تروي المخطوطات أن أدريان حاول فتح "باب الإدراك"، بوابة بين العالمين — عالم البشر وعالم الظلال. استخدم طقوسًا محرّمة ليرى ما وراء العيون البشرية، لكن التجربة فشلت. ومنذ ذلك اليوم، ظلت العيون مفتوحة… لا تغمض، لا ترحم، تراقب كل من يقترب من الحقيقة.

ليان لم تستطع التراجع. شعرت بأن المرآة تجذبها بقوة لا تُقاوم. رأت في داخلها صورًا لأشخاص من القرية… بعضهم مات منذ زمن. كانت العيون تُخبرها أن "النظر ليس دائمًا رؤية"، وأن "من يرى أكثر مما يجب، يُعاقَب بالصحو الأبدي".


الليلة الأخيرة

بعد تلك الليلة، لم يَرَ أحد ليان مجددًا. تركت دفترها مفتوحًا على صفحة واحدة فقط، كتب فيها:

“العيون لا تنام لأنها لم تجد السلام.”

ومنذ ذلك الحين، ظلّ الناس يتجنبون الطريق المؤدي إلى بيت أدريان. لكن البعض يقول إنهم ما زالوا يرون في الليالي المقمرة عيونًا صغيرة تلمع في النوافذ، تراقبهم بصمتٍ لا يُحتمل.


الرمز المفقود: بين الحقيقة والأسطورة

تحولت القصة عبر الأجيال إلى لغزٍ يحاول المؤرخون تفسيره. بعضهم قال إن "العيون" ما هي إلا رمزٌ للضمير البشري الذي لا ينام أبدًا، يلاحق الإنسان بأخطائه. وآخرون رأوا فيها استعارة عن الخوف من المجهول، أو عن الوعي الجمعي الذي لا يغفو مهما مرّ الزمن.

لكن في كل مرة تُذكر القصة، يشعر السامع بأن شيئًا يراقبه فعلًا. وربما هذا هو سرّها الحقيقي — ليست مجرد قصة غامضة، بل تجربة وجودية تُذكّرك بأن هناك دائمًا من يرى، حتى في أحلك الليالي.


متى تنام العيون؟

ربما لن نعرف أبدًا إن كانت "العيون التي لا تنام" مجرد أسطورة من صنع الخيال، أم حقيقة دفنها الخوف. لكن ما نعرفه أن القصص التي تُروى في الظلام لا تموت أبدًا، بل تعود كلما حاول أحدهم كشف الغموض.

في عالمنا اليوم، ما زالت العيون مفتوحة: عيون الكاميرات، وعيون البشر، وعيون القدر. فهل نحن من يراقب… أم نحن من يُراقَب؟


📖 من مدونة الدبي للحكاية

نروي القصص التي تبقى في الذاكرة، حيث يلتقي الخيال بالواقع وتُولد الأسرار من بين السطور. إذا أعجبتك هذه القصة، لا تنسَ مشاركتها ودعمنا لتصلك كل الحكايات الجديدة.

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية