مدونة الدبي للحكاية

مرحبًا بك في مدونة الدبي للحكاية، حيث تنبض الكلمات بالحياة وتتحول القصص إلى عوالم ساحرة تأخذك بعيدًا عن الواقع. نروي لك هنا أجمل القصص بأنواعها: من قصص الرعب المشوقة، والخيال المثير، إلى القصص الواقعية المؤثرة والحكايات التاريخية القديمة التي تحمل عبق الزمن. هدفنا أن نمنحك متعة القراءة، ودفء المشاعر، وإثارة الخيال في كل سطر تتابعه. في "الدبي للحكاية"... كل حكاية تنبض بروح راويها.

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

أمٌّ وبين يديها المصحف: حكاية صبرٍ وإخلاص

أمٌّ وبين يديها المصحف: حكاية صبرٍ وإخلاص | الدبي للحكاية

ليست كل البطولات تُروى في ساحات المعارك، فهناك بطولات صامتة تُصنع في زوايا البيوت، على سجاد الصلاة، وبين صفحات المصحف الشريف. وهذه الحكاية من تلك البطولات — حكاية أمٍّ صابرة لم تعرف الشكوى، ولم تفارق يدها كتاب الله حتى في أصعب اللحظات. في مدونة الدبي للحكاية، نروي اليوم قصةً حقيقية تُعيد تعريف الإيمان والرضا.

البداية: بيت صغير ونور كبير

في أحد الأحياء القديمة، كانت تسكن أم ياسين، امرأة خمسينية فقدت زوجها مبكرًا، وتولت تربية أطفالها الثلاثة وحدها. كان بيتها بسيطًا، جدرانه من الطين، لكنه مضيء ببركة القرآن. كل صباح، كانت تفتح نوافذ البيت على صوت التلاوة، تقول لأبنائها:

“من يبدأ يومه بكلام الله، لا يخاف من فقرٍ ولا تعب.”

كانت المصحف رفيقها الدائم، تجلس أمامه بعد صلاة الفجر حتى تشرق الشمس. حتى حين ينشغل الجميع، كانت هي تحفظ آيات جديدة، وتعلّم جاراتها القراءة. كانت تؤمن أن القرآن ليس للبركة فقط، بل للحياة كلها.

الابتلاء: حين تهتز الأرض تحت الأقدام

لكن الحياة، كما هي دائمًا، لا تخلو من اختبار. أصيب ابنها الأكبر، ياسين، بمرضٍ نادر. الأطباء قالوا إن العلاج مكلف وصعب، وربما لا جدوى منه. سقط الخبر على الأم كالصاعقة، لكنها لم تصرخ، لم تبكِ أمام الناس. فقط أمسكت بالمصحف، وقالت:

“إذا ضاقت الأرض، فباب السماء لا يُغلق.”

كل ليلة كانت تجلس عند رأس ابنها المريض، تقرأ عليه آيات الشفاء، وتبتسم رغم الألم. كانت تشعر بأن كل حرفٍ من القرآن يربطها بالسماء، وبأن الله لا يبتلي عبده إلا ليقربه.

سنوات الصبر والدعاء

مرت الأيام ثقيلة. باعَت الأم بعض أثاث البيت لتشتري الدواء. كان الجيران يقولون لها أن ترتاح قليلاً، لكنها كانت ترد بابتسامة هادئة: “أنا أستريح عندما أقرأ كلام ربي.”

أصبح بيتها منارة صغيرة لكل من ضاق صدره، يأتيها الناس لتقرأ لهم آياتٍ تهدئ القلوب. لم تكن عالمة أو فقيهة، لكنها كانت مؤمنة بصدق. حتى في أشد اللحظات، حين فقدت ابنها في ليلةٍ باردة، لم تصرخ. جلست تقرأ سورة يس بصوتٍ خافت، وقالت:

“هو عند من هو أرحم بي منه.”

التحول: من الحزن إلى نور

بعد وفاة ابنها، ظن الناس أنها ستنكسر. لكنها فاجأت الجميع. كانت تقول إن الله لم يأخذ ابنها، بل ردّه إليه وترك لها القرآن. وبدأت تدرّس الأطفال في المسجد الصغير القريب. علمتهم الحروف، ثم التلاوة، ثم معاني الآيات.

كان صوتها يرتجف حين تتحدث عن الصبر. تقول دائمًا:

“القرآن لا يزيل الألم فقط، بل يعلّمك كيف تحمله.”

في كل مرة تمسك فيها المصحف، كان وجهها يضيء. من يراها يظن أن بين يديها شيئًا من الجنة، لا من الورق.

الرسالة الخالدة: حين يُصبح القرآن حياة

أم ياسين لم تكن تبحث عن الشهرة، لكنها أصبحت رمزًا في حارتها. الكل يعرفها بلقب "أمّ المصحف". كانت تخرج كل صباح وهي تحمل مصحفها، تجلس على مقعدها أمام المسجد، تقرأ بصوتٍ هادئ يملأ المكان بالسكينة.

كانت تقول:

“إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله، فانظر أين تضع المصحف في حياتك.”

لم تكن كلماتها مجرد وعظ، بل تجربة عاشت كل حرفٍ منها. كانت ترى في القرآن الطبيب، والأنيس، والرفيق، والملجأ.

معنى الإخلاص الحقيقي

الإخلاص ليس في أن يُقال عنك صالح، بل في أن تعمل بصمتٍ لله وحده. كانت الأم تصلي في الخفاء، وتبكي حين ينام الجميع. علمت أبناءها ألا يطلبوا شيئًا إلا من الله، وألا ييأسوا مهما اشتدت الأقدار.

وحين كبر ابنها الأصغر، قال في أحد المجالس:

“تعلمت من أمي أن المصحف لا يُقرأ فقط، بل يُعاش.”

العبرة من القصة

إن قصة أمٍّ وبين يديها المصحف ليست عن امرأةٍ واحدة، بل عن كل أمٍّ جعلت من القرآن سلاحها في وجه الحياة. عن أولئك الذين يصبرون بصمت، ويدعون دون أن يُسمع صوتهم، لكن الله يسمع قلوبهم.

تُعلّمنا القصة أن الإيمان لا يحتاج إلى معجزاتٍ كبرى، بل إلى ثباتٍ صغير كل يوم، وإلى يقينٍ بأن الله أقرب من كل ما نظن.

  • الصبر ليس انتظار الفرج، بل الرضا في قلب العاصفة.
  • الإخلاص هو أن تستمر رغم التعب، لا لأجل الناس، بل لأجل الله.
  • الأم حين تُمسك المصحف، تُمسك بالأمل كله.
  • القرآن لا يغير الواقع فقط، بل يغيّر طريقة رؤيتنا له.

ما بين يديها الجنة

مرت سنوات، وكبر أحفادها وهم يرونها في نفس المكان، بين يديها المصحف. كانت تقول لهم:

“من أراد أن يكتب قصة جميلة لحياته، فليبدأها بآية.”

وفي صباحٍ من ربيعٍ هادئ، جلست كعادتها تقرأ. لكنها هذه المرة، لم تُكمل السورة. وضعت يدها على المصحف، وابتسمت… كأنها وجدت أخيرًا السلام الذي كانت تبحث عنه.

حين دخل أبناؤها الغرفة، وجدوا المصحف مفتوحًا على قوله تعالى:

“إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ.”

رحلت أمّ المصحف… لكنها تركت خلفها نورًا لا ينطفئ. تركت درسًا خالدًا أن القلب الذي يُجاور كلام الله لا يعرف الهزيمة.


📚

قصة أم صابرة، قصص مؤثرة، قصص عربية واقعية، الدبي للحكاية، الإخلاص، الصبر، المصحف الشريف، حكايات إنسانية، دروس من القرآن، أم مؤمنة، قصص قصيرة، عبرة، الإيمان بالله، الرضا، بر الوالدين.

© 2025 مدونة الدبي للحكاية | جميع الحقوق محفوظة

عن الكاتب

الدبي للحكاية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة الدبي للحكاية